بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته
الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته
الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه
اللهم إني أعوذ بك أن أظل وأظل، أو أن أزل أو أزل، أو اظلم أو اظلم.حسبي الله و كفى ، سمع الله لمن دعا .ليس
وراء الله منتهى .و الصلاة و السلام على سيد الأنام محمد بن عبد الله عليه أزكى الصلاة و أعطر السلام . أحبتي في الله السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
لعلنا نتساءل دائما ما الذي يوقعنا في الذنوب و المعاصي؟ لا اشك يوما أن أحدا منا لم يتساءل لما لا يبقى على نفس الحالة من الإيمان أو من الخوف أو من الفرح أو..؟ بل أن بعضنا يئس من إيمانه ليترك الصلاة بحجة انه لا يريد أن يشوه صورة الإسلام بالمعاصي التي يرتكبها ؟
و رغم أن هذا السؤال متكرر إلا أن الإنسان لا يبحث بصفة جادة عن إجابته، حتى أن بعض الشباب يقول انه يترك الدين لأنه غير قادر عن الصمود أمام الفتن المنتشرة الآن أعاذني الله و إياكم منها.
موضوعنا الآن هو كيف نحافظ على إيماننا.على إسلامنا .على صلاتنا .على علاقتنا بربنا جل و علا.
لنشخص هذا المرض الخطير يجب أن نعرف أسبابه، أعراضه ثم نقدم بتوفيق الله علاجه.
إذا سنقسم هذا الموضوع إلى ثلاثة أقسام:
- سبب عدم استقرار الإيمان و ثبات القلب
- أعراض هذا الاختلال
- كيف نجدد الاستسلام لله جل جلاله ؟
(1) سبب عدم استقرار الإيمان و ثبات القلب :
بداية يجب أن نعلم أن القلب سمي قلبا لتقلبه، فهو لا يظل على نفس الحال أبدا.لكن هذا التقلب درجات عند بني ادم و حدة التقلب أيضا درجات متفاوتة بين البشر، فنسال الله أن يثبت قلوبنا على الحق.فقال تعال في سورة آل عمران:"ربنا لا تزغ بعد إذ هديتنا "
و قال المصطفى صلى الله عليه و سلم:"روحوا عن القلوب ساعة بساعة فان القلوب إذا كلت عميت " لكن هذا الترويح لا بد أن يكون في مرضاة الله لا بمعصيته.
قال تعالى :"
(وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم سورة يوسف
وهذا بيت القصيد: النفس
لعل اخطر شيء عليك النفس التي بين جنبيك فهذه النفس هي أساس إتباع الهوى فهي النفس الأمارة بالسوء كما وصفها الرحمان التي تدفع الإنسان وراء الشهوات و تبتعد بالإنسان من المقام الشريف لتنزل به إلى غرائزه وهي النفس الجحود التي لا تقنع بما كتب الله لنا و تأمر دائما بالمزيد ولا ترضى بحال واحدة بل تبحث دائما عن الأكثر و الأغلى و الأعلى .
فمن المفلح و الناجح يا رب إذا كانت كل الأنفس هكذا إلا ما رحم ربي.الجواب جاء في قوله تعالى:"قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "
فهذه طبيعة الإنسان التي يستغلها الشيطان ليغويه و يوقعه فيما لا يريد الله. فالسبب الثالث هو إذا وسوسة الشيطان هذا اللعين الذي رفض السجود لسيدنا ادم و استكبر و قال أنا خير منه خلقته من طين وخلقتني من نار. هذا الذي كان سببا في خروج البشرية من الجنة مستغلا في ذلك خضوع النفس للشهوات.
فهذا الشيطان الذي قال :"ارايتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا" أجابه الرحمان بقوله تعالى في:"
«و استفزز من استطعت منهم بصوتك و أجلب عليهم بخيلك و رجلك و شاركهم في الأموال و الأولاد و عدهم و ما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان و كفى بربك وكيلا»: سورة الإسراء
ففي رمضان يعرف الإنسان أن ما قيه من المعاصي هل هي من نفسه أم من الشيطان ؟
ففي هذا الشهر الكريم تقيد الشياطين فما تفعله في هذا الشهر فهو من نفسك وحدك.
رابعا: كثرة الفتن و هذا موضوع طويل و طويل و سنتطرق إنشاء الله في موضوع قادم لكن أريد أن أقول أن الفتن نوعان لا ثالث لهم
= الشهوات:
= الشبهات: هي اختلاط الأمر خاصة في الدين وهذه أصعب إن لم يكن الإنسان على عقيدة قوية و صحيحة.
خاصة: أصحاب السوء.
فلو كان قلبك عامرا بالإيمان لا تجلس مع أصحاب السوء فهذه الجلسات لا بد أن تقودك في بعض الأحيان إلى اللغو مثلا.قال تعالى:" وإذا مروا باللغو مروا كراما" فلا بد أن تقودك إلى معصية مهما كانت درجتها. ثم إن" الصاحب ساحب " أي أن الصديق لا بد أن يذكرك في الله وان تتحابا في الله وإلا فالزم مجالس الذكر أحسن.
فالأسباب كما طرحناها هي:
- القلب و تقلبه
- النفس
- الشيطان لعنه الله
- الفتن و كثرتها
- أصحاب السوء
(2) أعراض هذا الاختلال:
هذه الإعراض تنقسم إلى قسمين أساسيين:
= إعراض نفسية:
قال الله جل في علاه :"
(وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل " سورة الزمر 6
فمن وجد في نفسه هذه الصفة فليعلم أن إيمانه بدا يتزعزع.
بعض الناس يجدون أنفسهم يقومون إلى الصلاة كسالى ولا يؤدونها في وقتها فهذا التكاسل هو من أعراض هذا الاختلال الإيماني
• اليأس من رحمة الله
• عدم الإيمان حقا بالقضاء و القدر و عدم الرضاء بما كتبه الله لنا
= أغراض دنيوية:
• اتخاذ أنداد نحبهم أكثر من حب الله .
قال تعالى في سورة البقرة :"و من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا للله "
• الجري المبالغ فيه وراء الدنيا على حساب الدين
• البخل و الشح
• الكذب و الحسد و عدم القناعة
إذا ماالحل ؟
الحل طبعا موجود في كتابنا العظيم و سنته النبي الكريم صلى الله عليه وسلم و على اله و صحبه وسلم أجمعين .
(3) كيف نجدد الاستسلام لله تعالى ؟
قال تعالى:" ونفس وما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها "
تزكية النفس من كل الشوائب و حب الشهوات فلا بد أن تعود نفسك على طاعة الله عز جل فجعل الله تعالى الفلاح في تزكية النفس لما في ذلك من صعوبة إلا من رحم ربي.
إنكار المعاصي و محاولة تغييرها ( حديث من رأى منكم منكرا فليغيره بيده....) ( و حديث في الموضوع الفائت تعرض المعاصي على القلوب كالحصير عودا عودا..)
فالتضحية في سبيل تغيير هذه المنكرات يثبت الإيمان بتحريم هذه المعاصي فلا نغير شيئا ثم نفعله.
قال تعالى :"اتامرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم " فيصبح صعبا على الإنسان الإتيان بمنكر قد نهى عنه من قبل .
إتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يحتاج لتفسير لأننا على يقين تام بمصدر الهداية النبوية:" و النجم إذا هوى ما ظل صاحبكم و ما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى "
سورة النجم
فجعل الله تعالى في إتباع سيد المرسلين مصدرا لحب الله و غفران الذنوب لقوله تعالى:" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم" آل عمران 31
الاستعاذة من الشيطان عندما نحس بالوسوسة قال تعالى :"
«واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه هو السميع العليم». " فصلت 36
ذكر الله دائما في كل وقت وفي كل حال : ألا بذكر الله تطمئن القلوب .ذكر الموت كما ا وصى الرسول صلى الله عليه و سلم :" أكثروا من ذكرها **الذات ." يعني الموت لعل القلب يخشى و يخشع فالمرء يبحث على ما مات عليه و ليس ذلك على الله بعسير.
الإكثار من مجالس الذكر وحفظ القران :
قال تعالى :" و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم نريد زينة الحياة الدنيا " الكهف
عدم إطاعة أهل السوء و عدم إتباع الهوى .
قال تعالى:" ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فرطا " الكهف
القيام بالاعمال الصالحة التي تطهر القلب اتقاء لكثرة الفتن حيث قال صلى الله عليه وسلم :" بادروا بالإعمال فتنا كقطع من الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا و يمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا "
فالأعمال الصالحة تذكر الإنسان بالله و تقربه منه لأنه فعلها ابتغاء وجه الرحمان جل جلاله .
نسال الله أن يوفقني و إياكم لما فيه رضوانه و يسكن نبينا محمد جناته و نكون من جيرانه.
هذا و ما من توفيق فمن الله وحده وما من خطا أو نسيان فمني و من الشيطان
و أعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة و يلقى به في النار
و أعوذ بالله أن أذكركم به و أنساه
سبحان الله و بحمده استغفره و أتوب إليه.